ملعون يا سيف اخي
بقلم : حسام الامام
احترت في بادئ الامر عن اختيار موضوع هذا المقال ولكن هناك مقوله اؤمن بها دوماً وهي ( اجعل من يراك يدعو لمن رباك ) وهي تحمل بين حروفها اسمي القيم والمعاني الجميله وتحثنا علي التحلي بالاخلاق نعم انها الاخلاق التي تمثل مفتاحاً هاماً وحيوياً لكل حياتك والاخلاق العربيه هي اخلاق النشامي والفرسان التي لا يتمتع بها سوي العرب وتغني بها شعراء العرب فقال احمد شوقي في الاخلاق
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. صلاح أمرك للأخلاق مرجعه…فقوم النفس بالأخلاق تستقم.
ولكن اين ذهبت تلك القيم وقد اصبح كل منا يحمل سيفه في وجه اخيه؟ مطارداً لها بلا اخلاق فملعون يا سيف اخي اذا كان سيقتل احلامي ملعون يا سيف اخي اذا تدمر الاماني
و ملعون يا سيف اخي هو عنوان لقصيده ابكت العالم العربي كتبها الشاعر المبدع فاروق جويده في نهاية الثمانينات هل تعلم لماذا كتبها ولمن ؟
كتبها إبّان حصار حركة أمل للمخيمات الفلسطينية في بيروت، والقصيدة تتدرج كما تدرّج الواقع في حينها بطلب فتوى لأكل لحم الجثث والفئران بسبب الحصار. القصيدة تعبير عن تلك الفترة فتخيل الشاعر ان التي امامه هي جثة ابنه ولكن قلبه لم يحتمل ذلك حين قال ” افتوني باسم الإسلام
أن آكل ابني
إني والله أبوه وأعرف أمه ” واحتار جويده من اين يبدأ هل من تلك العيون التي ابصرته ؟ ام من هذا الجسد الضعيف الذي طالما احتضنه شوقاً ولهفه ؟ وتنقل بحرفيه بين السطور ليتخيل كل من يقرأ القصيده هذا الموقف المهيب
هكذا كان الشعور لدي كل مواطن عربي وهو يسمع عن طلب اصدار هذه الفتوي المؤلمة ولكن اين نحن الآن؟ لا ترهق نفسك في البحث عن اجابة فنحن في اسواء حالاتنا الاخلاقيه فبدون البحث عن فتوي او تشريع منحنا لانفسنا الحق في ان يأكل كل منا لحم اخيه ويستحل ماله وعرضه وسمعته والاخ الذي اعنيه ليس الشقيق فقط بل الاخ في الله والاخ في العروبه فانطلقت هواتفنا لتصور العورات وتتصيد الاخطاء لمن نعرفه ومن لا نعرفه استطعنا بكل وقاحة وانعدام ضمير واخلاق ان نستغل التكنولوجيا الحديثه في اختراق الحسابات لجلب الفضائح التي تحتويها تلك الحسابات اي عار هذا الذي نحياه؟ واين الزمن الجميل الذي عشناه ؟ واين اخلاقنا العربيه ؟ هذا الزمن الذي كان للجار حقوق تفنن العرب في ادائها نحو الجار بكل حب واخلاص وايمان بتلك الحقوق ليأتي هذا الزمان الذي لاتعرف فيه من هو جارك .
تنقلنا بين المواقع بحثاً عن الفضائح فاحتل العرب بلا منازع صدارة البحث عن كلمتين ( الجنس – فضيحة فلان ) واذا تشبعت رغبتنا من هذا البحث بدانا في الانتشار علي مواقع التواصل لنتبادل وصلات الردح والسب والمعايرة بعيوب كلا منا حتي لو كان هذا العيب هو مرض و ابتلاء من عند الله .
نعم ملعون يا سيف اخي ملعون في كل كتاب ملعون في التوراة والانجيل وفي القرآن ملعون بكل اللغات والعبارات فما اصعب ان يذبحني سيف اخي ، الحريه ليست كما يراها هؤلاء الجهلاء الحرية مسئوليه وامانه ستحاسب عليها امام الله فلا تجعلوها طريقكم الي جنهم واتقوا يوماً ترجعون فيه الي الله ملعون يا سيف اخي
هذا ما وصلنا اليه بكل اسف فما سمي بمواقع التواصل الاجتماعي اباح لنا اذية اي شخص دون عناء او معاناه ، الا انه وبعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي بشتي انواعها بدت تلك الاخلاق والافعال المشينة تكبر شيئا فشيئا بسبب بعض الرويبضه الذين صالوا وجالوا علي تلك المواقع بلا اخلاق او قيم ، فرأينا شباباً يتعري لتحقيق التريندات وفتيات تتراقص طمعاً في كسب الشهره والدولارات وما صدمني اني رأيت امهات يفعلن ما يندي له الجبين من أفعال مقززه ، فتوقعت ان تلك امور فرديه وستمر مرور الكرام لكن هالني ما رأيته من مواظبة علي بث تلك القاذورات علي برامج مختلفه وخاصة تلك اللعنه الجديده المسماه بالتيك توك .
ولم يتوقف الحال عند هذا الوضع المذري بل بدأ في اقتحام الحياة العائليه بتشكيل بعض العائلات لفقرات خاصة بهم فيستعين الزوج بزوجته للاغراء وتحقيق التريند والاخ باخته ولا يضر اذا شاركت الخادمه او اصدقاء العائله فالهدف ثابت والسعي اليه يبرر الوسيله .
كيف وصل بنا الحال الي هذا الوضع المهين واين اختفت نخوة هؤلاء ؟
انها الاحلام مابين احلام الثراء عندما وضعت تلك المواقع مقابل مادي لما يحققه الفرد من نسبة مشاهدات واعجاب وبين احلام الشهره طمعاً ان يجد احد المخرجين او المنتجين في هؤلاء الشباب وجوهاً جديده. فانساق الجميع بكل قوته خلف تلك الاحلام الكاذبه والاوهام الخادعة بمساعده ومباركة من باقي افراد الاسره التي تتحمل الجانب الاكبر من الخطأ فعندما اضع بين يدي الفتاة او الشاب جهاز كالهاتف المحمول دون رقابة او توعيه فماذا تتوقع ان يفعل به؟
غابت رقابة الاسرة بل وغابت الاسره نفسها فاصبح كل فرد من افراد العائلة سجيناً داخل هاتفه فنسي الاب ان هناك ابناء في مراحل عمريه تحتاج الي الرقابه الشديده ونسيت الام احتواء بناتها وتركتهن ليسقطوا في بحور السوشيال ميديا واستغلت الخادمه هذا التشتت فأنشأت صفحتها علي تلك البرامج وتعرت لجذب المشاهدات بل ان بعض الخادمات قاموا بتصوير العائلة ونشر فيديوهات دون علمهم .
عزيزي القارئ كلماتي لا تشمل الجميع ولكن للاسف اقصد بها الكثير فالاعداد تزداد يوما بعد يوم والانحدار الاخلاقي يسير الي الاسفل بسرعه كبيره جداً فاحذروا تلك المواقع فما هي الا فتنه دخلت مجتمعنا العربي لتدمر قيمه وتقضي علي مبادئه واخلاقه ، افيقوا يرحمكم الله وتابعوا ابنائكم وزوجاتكم فكلكم راع وكل مسئول عن رعيته ، جميعنا سنسأل امام الله ماذا قدمت ؟ الابناء في ظل هذا التطور التكنولوجي الرهيب بحاجه الي الرقابه بحاجه الي التوعيه فلا تتركوهم فريسه لتلك اللعنه المسماه سوشيال ميديا .
علموهم ان التواصل الاجتماعي هو الموده وصلة الارحام ، علموهم ان البحث علي جوجل لتنمية الثقافه وزيادة المعلومات لا للبحث عن الجنس والعري والفضائح ذكروهم بان كل الاديان دعت الي الفضيله والارتقاء بالعقل والروح .
فتربية الابناء في هذا الزمان هي من اصعب مهام الاسرة ولا تقل الخطوره بين الشاب والفتاه فكلاهما معرض للوقوع ضحيه لاحد الاصدقاء الوهميين علي الفيس بوك او التيك توك او غيرهما من مواقع التواصل الكثيره جداً ، وكم من فتاة ضاعت بسبب تلك البرامج وكم من شاب ادمن من وراء اصدقاء تلك المواقع القضية كبيره والاسره عليها العبء الاكبر والاهم فتقارب الابوين من الابناء وبث الثقه فيهم مهم جداً احتواء الابناء واتخاذهم اصدقاء وتقريب وجهات النظر بين الاجيال هو بمثابة علاج سحري للمتابعه والرقابه ،احموا ابنائكم فتيار الاغراءات شديد ولا تتركوهم فريسه له حتي لا يأتي هذا اليوم الذي نعض فيه اصابعنا ندماً علي ما فعلناه في حق الابناء من تجاهل واهمال وحتي لا تفقدهم بين شاب مدمن او فتاة متحرره ، وختاماً اعلموا ان ابنائكم اكثر منكم ذكاء وقدره علي الاقناع والنقاش والكذب من اجل تحقيق طموحاتهم باي طريقة .
اللهم احفظ وبارك في ابناء امتنا العربيه واجعلهم سنداً لاوطانهم وبارين بوالديهم ولا ترينا فيهم مكروهاً
وختاما اليكم ما كتبه بعض الشعراء في الاخلاق.
وقال صفي الدين الحلي :
إنّا لَقَــوْمٌ أبَتْ أخــلاقُنا شَــرفا أن نبتَدي بالأذى من ليسَ يوذينا
بِيضٌ صَنائِعُنا ، سـودٌ وقائِعُنا خضرٌ مَرابعُنا ، حُمـرٌ مَواضِينا
وقالت عائشة التيمورية :
ما الحـظ إلا امــتلاك المـرء عفته وما السعادة إلا حسن أخلاق
التعليقات